الاعلام وادارة الازمات !!
صفحة 1 من اصل 1
الاعلام وادارة الازمات !!
يعيش الإنسان المعاصر حياة صعبة ومتشابكة ومعقدة وذلك نظراً للتشابك والتعقيد الذي يشهده عالم اليوم في مختلف المجالات هذا التشابك يجعل من الطبيعي نشوء أزمات تطرأ على الحياة اليومية سواء بالنسبة للفرد أو المؤسسات أو المجتمع المحلى أو المجتمع الدولي.
وتعتبر هذه الأزمات تحدياً للإنسان الذي يكون بالأساس محور الأزمة فهو بالضرورة يكون سبباً في نشوء الأزمة وتصاعدها والتعامل معها ومعالجتها.
وهذه الأزمات بطبيعة الحال تتفاوت في طبيعتها وحجمها وتشعبها وخطورتها ومدى تأثيرها على حياة الإنسان ولأننا نعيش اليوم عصر الإعلام, ذلك العصر الذي أصبح فيه الإعلام يمثل عصب الحياة وأصبحت وسائل الإعلام ـ على تعددها ـ عاملاً مؤثراً في الأحداث التي يشهدها العالم كل يوم, بل ومحركاً لها.
فقد أصبح من الضروري أن تتعامل وسائل الإعلام مع أزمات المجتمع المختلفة. ذلك لأن الإعلام قد يكون الملجأ الأول ـ إن لم يكن الوحيد ـ بالنسبة للإنسان البسيط الذي يرغب في التعرف على الأزمة التي يواجهها المجتمع, ويتعرف على الأساليب المناسبة للتعامل معها, وكيفية التغلب عليها وتجاوزها ، وهذا يفرض على تلك الوسائل أن تتعامل مع الأزمة بحكمة وحرفية حتى يتم تجاوزها.
وهذا ما يعرف بإدارة الأزمات, وهو فرع حديث نسبياً من علم الإدارة. ويتمثل هذا العلم ببساطة في توقع بعض الأزمات التي يمكن أن تنشأ, والتخطيط لكيفية التعامل معها للخروج منها بأقل الخسائر. أو هو فن إدارة الصعب عندما يحدث ما لا نتوقعه.
لذلك فقد يكون الإعلام في كثير من الأحيان الأداة الرئيسية لإدارة الأزمة. وربما يكون النجاح في تجاوز الأزمة, والخروج منها بأقل الخسائر, نتيجة لنجاح الإعلام في التعامل معها, وإدارتها بشكل صحيح.
لكن النجاح في إدارة الأزمة داخل الجهاز الإعلامي نفسه, سواء كان مسموعاً أو مرئياً أو مقروءً يكون رهناً بمدى إدراك فريق العمل المنوط به التعامل مع الأزمة, وتناولها من خلال الوسيلة التي يعمل بها. وهذا يتطلب مجموعة من الأسس والخطوات التي يجب إتباعها عند حدوث الأزمة سواء كانت هذه الأزمة مفاجأة تماماً ـ أي غير متوقعة على الإطلاق ـ أو محتملة الحدوث, وهناك بوادر ومقدمات لها.
هذه الخطوات والأسس تتلخص فيما يلي:
(1) تكوين فريق عمل خاص بوقت الأزمات وإمداده بتجهيزات وأدوات العمل اللازمة وتحديد دور كل عنصر من العناصر البشرية المشاركة في هذا الفريق على أن يكون على رأس الفريق متخذ القرار, الذي يستطيع تحمل مسئولية ذلك القرار, أو توفير إمكانية التواصل مع متخذ أو متخذي القرار, بشرط أن تكون الجهة المصدرة للأوامر والقرارات والتعليمات واحدة.
ويجب أن يكون أعضاء هذا الفريق من ذوى القدرات والكفاءات الخاصة الذين يتم اختيارهم مسبقاً, من خلال المتابعة, وإجراء الاختبارات العلمية, والذهنية, والنفسية لضمان توافر عنصر الثبات لديهم وقت الأزمات.
كما إنهم يجب أن يخضعوا للتدريب بشكل منتظم ومستمر لإحداث تغيرات سلوكية, وذهنية, وفنية, وعلمية محددة لمواجهة احتياجات محددة حالية أو مستقبلية. على أن تتضمن هذه العملية التدريبية كذلك تنمية القدرة على اتخاذ القرار, وحل المشكلات, والاندماج في فريق العمل, بغض النظر عن الموقع في هذا الفريق.
وأيضاً استيعاب التعليمات بسرعة, ومعرفة أساليب ووسائل التنفيذ, دون تضييع الوقت في الاستفسار عن كيفية تنفيذ أي جزئية من التعليمات, لأن عامل الزمن هنا مهم جداً.
(2) التخطيط الجيد لاستثمار الوقت, والاستفادة من كل دقيقة, بل وثانية, حيث أن الزمن عامل مهم جداً في هذه الأوقات, ويمكن لأي جهة أخرى مغرضة استغلال عنصر الزمن وبث ما تريد, وفى هذه الحالة يصبح العمل قائم على رد الفعل وهو التصحيح, لا الفعل وهو التبليغ بالحقائق.
(3) توفير آليات للتواصل مع الأطراف ذات الصلة بالأزمة, للحصول على المعلومات الدقيقة, والمؤكدة بشكل سريع.
(4) توفير إمكانية الانتقال إلى الأماكن ذات الصلة والعلاقة بالأزمة, لأن ذلك يوفر عنصر المصداقية لدى الجمهور, ولا يمكن أن تؤثر فيه أية شائعات, حيث يسهل بث ونشر الشائعات بسهولة وسرعة في مثل هذه الأوقات.
(5) معالجة أي تعارض أو تضارب في المعلومات والأرقام ـ إن وجدت ـ من مصادرها الأصلية, لتحقيق المصداقية فيما يقدم من بيانات, ومعلومات, مع سرعة تناول أي تعارض أو تضاد, لتكون الوسيلة التي نعمل بها, المصدر الأصح فيما ينقل من معلومات عن الأزمة.
(6) متابعة سير العمل من مستويات الإدارة العليا, مع تشجيع القائمين بالعمل, وتحفيزهم حتى ترتفع معنوياتهم, ويزداد حماسهم للعمل.
(7) إصدار التوجيهات والتعليمات من قبل الإدارة العليا لقادة فريق العمل وقت الأزمة, وفقاً للضرورات التي تبدو على أرض الواقع وقت التنفيذ, مع ضرورة توفر عنصر المرونة للتغلب على أية صعوبات قد تطرأ.
( تقييم الأداء بشكل سريع, ومتابعة ما يقدم من جهات إعلامية أخرى, يتم تحديدها على وجه الدقة, لمواجهة ما قد يقدم من أي جهة مغرضة, والرد عليه عملياً من خلال المتابعة الحية, والمتوازنة, والموضوعية .
(9) إعداد سيناريوهات وخطط لمواجهة أي أزمات أو طوارئ من المحتمل أن تحدث ويمكن أن تكون هذه الخطط خيالية, لكنها نوع من التدريب والاستعداد لمواجهة أي أحداث يمكن أن تحدث في مختلف الاتجاهات ويجب تحديث هذه الخطط كل فترة من الزمن, أو تعديلها طبقاً للظروف التي قد تستجد, ومن خلال معايشة قادة الرأي في الجهة الإعلامية للأحداث, ومن واقع ما يصل إليهم من تقارير وتعليمات من جهات صناعة القرار.
وعلينا في النهاية أن نعى أننا إذا كنا في عالم اليوم نعيش عصر التقدم, والعلم, ولكنه أيضاً عالم الأزمات التي ترتبط بالصراعات التي تحدث من حولنا, من كل الاتجاهات, وفى مختلف المجالات, هذا سياسي, وهذا اقتصادي, وهذا بيئي, وهذا اجتماعي. وعلينا في نفس الاتجاه أن ندرك أن الإعلام هو الفارس الذي يخوض في كل الأزمات, يعرف الناس بها, ويساعدهم على تجاوزها, ويكون لديهم الخبرة للتعامل مع مثيلاتها عندما تحدث في المستقبل.
من مقال للدكتورة / لمياء محمود
المدير العام للتدريب العملي - قطاع الإذاعة - مصر
وتعتبر هذه الأزمات تحدياً للإنسان الذي يكون بالأساس محور الأزمة فهو بالضرورة يكون سبباً في نشوء الأزمة وتصاعدها والتعامل معها ومعالجتها.
وهذه الأزمات بطبيعة الحال تتفاوت في طبيعتها وحجمها وتشعبها وخطورتها ومدى تأثيرها على حياة الإنسان ولأننا نعيش اليوم عصر الإعلام, ذلك العصر الذي أصبح فيه الإعلام يمثل عصب الحياة وأصبحت وسائل الإعلام ـ على تعددها ـ عاملاً مؤثراً في الأحداث التي يشهدها العالم كل يوم, بل ومحركاً لها.
فقد أصبح من الضروري أن تتعامل وسائل الإعلام مع أزمات المجتمع المختلفة. ذلك لأن الإعلام قد يكون الملجأ الأول ـ إن لم يكن الوحيد ـ بالنسبة للإنسان البسيط الذي يرغب في التعرف على الأزمة التي يواجهها المجتمع, ويتعرف على الأساليب المناسبة للتعامل معها, وكيفية التغلب عليها وتجاوزها ، وهذا يفرض على تلك الوسائل أن تتعامل مع الأزمة بحكمة وحرفية حتى يتم تجاوزها.
وهذا ما يعرف بإدارة الأزمات, وهو فرع حديث نسبياً من علم الإدارة. ويتمثل هذا العلم ببساطة في توقع بعض الأزمات التي يمكن أن تنشأ, والتخطيط لكيفية التعامل معها للخروج منها بأقل الخسائر. أو هو فن إدارة الصعب عندما يحدث ما لا نتوقعه.
لذلك فقد يكون الإعلام في كثير من الأحيان الأداة الرئيسية لإدارة الأزمة. وربما يكون النجاح في تجاوز الأزمة, والخروج منها بأقل الخسائر, نتيجة لنجاح الإعلام في التعامل معها, وإدارتها بشكل صحيح.
لكن النجاح في إدارة الأزمة داخل الجهاز الإعلامي نفسه, سواء كان مسموعاً أو مرئياً أو مقروءً يكون رهناً بمدى إدراك فريق العمل المنوط به التعامل مع الأزمة, وتناولها من خلال الوسيلة التي يعمل بها. وهذا يتطلب مجموعة من الأسس والخطوات التي يجب إتباعها عند حدوث الأزمة سواء كانت هذه الأزمة مفاجأة تماماً ـ أي غير متوقعة على الإطلاق ـ أو محتملة الحدوث, وهناك بوادر ومقدمات لها.
هذه الخطوات والأسس تتلخص فيما يلي:
(1) تكوين فريق عمل خاص بوقت الأزمات وإمداده بتجهيزات وأدوات العمل اللازمة وتحديد دور كل عنصر من العناصر البشرية المشاركة في هذا الفريق على أن يكون على رأس الفريق متخذ القرار, الذي يستطيع تحمل مسئولية ذلك القرار, أو توفير إمكانية التواصل مع متخذ أو متخذي القرار, بشرط أن تكون الجهة المصدرة للأوامر والقرارات والتعليمات واحدة.
ويجب أن يكون أعضاء هذا الفريق من ذوى القدرات والكفاءات الخاصة الذين يتم اختيارهم مسبقاً, من خلال المتابعة, وإجراء الاختبارات العلمية, والذهنية, والنفسية لضمان توافر عنصر الثبات لديهم وقت الأزمات.
كما إنهم يجب أن يخضعوا للتدريب بشكل منتظم ومستمر لإحداث تغيرات سلوكية, وذهنية, وفنية, وعلمية محددة لمواجهة احتياجات محددة حالية أو مستقبلية. على أن تتضمن هذه العملية التدريبية كذلك تنمية القدرة على اتخاذ القرار, وحل المشكلات, والاندماج في فريق العمل, بغض النظر عن الموقع في هذا الفريق.
وأيضاً استيعاب التعليمات بسرعة, ومعرفة أساليب ووسائل التنفيذ, دون تضييع الوقت في الاستفسار عن كيفية تنفيذ أي جزئية من التعليمات, لأن عامل الزمن هنا مهم جداً.
(2) التخطيط الجيد لاستثمار الوقت, والاستفادة من كل دقيقة, بل وثانية, حيث أن الزمن عامل مهم جداً في هذه الأوقات, ويمكن لأي جهة أخرى مغرضة استغلال عنصر الزمن وبث ما تريد, وفى هذه الحالة يصبح العمل قائم على رد الفعل وهو التصحيح, لا الفعل وهو التبليغ بالحقائق.
(3) توفير آليات للتواصل مع الأطراف ذات الصلة بالأزمة, للحصول على المعلومات الدقيقة, والمؤكدة بشكل سريع.
(4) توفير إمكانية الانتقال إلى الأماكن ذات الصلة والعلاقة بالأزمة, لأن ذلك يوفر عنصر المصداقية لدى الجمهور, ولا يمكن أن تؤثر فيه أية شائعات, حيث يسهل بث ونشر الشائعات بسهولة وسرعة في مثل هذه الأوقات.
(5) معالجة أي تعارض أو تضارب في المعلومات والأرقام ـ إن وجدت ـ من مصادرها الأصلية, لتحقيق المصداقية فيما يقدم من بيانات, ومعلومات, مع سرعة تناول أي تعارض أو تضاد, لتكون الوسيلة التي نعمل بها, المصدر الأصح فيما ينقل من معلومات عن الأزمة.
(6) متابعة سير العمل من مستويات الإدارة العليا, مع تشجيع القائمين بالعمل, وتحفيزهم حتى ترتفع معنوياتهم, ويزداد حماسهم للعمل.
(7) إصدار التوجيهات والتعليمات من قبل الإدارة العليا لقادة فريق العمل وقت الأزمة, وفقاً للضرورات التي تبدو على أرض الواقع وقت التنفيذ, مع ضرورة توفر عنصر المرونة للتغلب على أية صعوبات قد تطرأ.
( تقييم الأداء بشكل سريع, ومتابعة ما يقدم من جهات إعلامية أخرى, يتم تحديدها على وجه الدقة, لمواجهة ما قد يقدم من أي جهة مغرضة, والرد عليه عملياً من خلال المتابعة الحية, والمتوازنة, والموضوعية .
(9) إعداد سيناريوهات وخطط لمواجهة أي أزمات أو طوارئ من المحتمل أن تحدث ويمكن أن تكون هذه الخطط خيالية, لكنها نوع من التدريب والاستعداد لمواجهة أي أحداث يمكن أن تحدث في مختلف الاتجاهات ويجب تحديث هذه الخطط كل فترة من الزمن, أو تعديلها طبقاً للظروف التي قد تستجد, ومن خلال معايشة قادة الرأي في الجهة الإعلامية للأحداث, ومن واقع ما يصل إليهم من تقارير وتعليمات من جهات صناعة القرار.
وعلينا في النهاية أن نعى أننا إذا كنا في عالم اليوم نعيش عصر التقدم, والعلم, ولكنه أيضاً عالم الأزمات التي ترتبط بالصراعات التي تحدث من حولنا, من كل الاتجاهات, وفى مختلف المجالات, هذا سياسي, وهذا اقتصادي, وهذا بيئي, وهذا اجتماعي. وعلينا في نفس الاتجاه أن ندرك أن الإعلام هو الفارس الذي يخوض في كل الأزمات, يعرف الناس بها, ويساعدهم على تجاوزها, ويكون لديهم الخبرة للتعامل مع مثيلاتها عندما تحدث في المستقبل.
من مقال للدكتورة / لمياء محمود
المدير العام للتدريب العملي - قطاع الإذاعة - مصر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى