المفاهيم الأولية لليسمولوجيا
صفحة 1 من اصل 1
المفاهيم الأولية لليسمولوجيا
في البداية القرن الماضي بشر العالم اللسانيات "فرنوند دو سوسير " بميلاد علم جديد أطلق عليه اسم السيمولوجيا هذا العلم الذي ستكون مهمته كما جاءفي دروسه التي نشرت بعد وفاته هي "دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية لقدكانت الغاية الضمنية للسيمولوجيا هي تزويدنا بمعرفة جديدة تساد لا محالة على فهمأفضل لمناطق هامة أو لجوانب هامة من حياتنا الاجتماعية للإنسان ضلت مهملة لوجدهاخارج التصنيفات التقليدية المعرفية وفي الفترة ذاتها تقريبا كان الفيلسوف الأمريكيشارل سندرس سبيرس في الضفة الأخرى المحيط الأطلسي يدعو إلى رؤية جديدة في معالجةالظواهر الإنسانية و أطلق على هذه اسم "السيميوطيقا " و لعل أول خطوة منهجية ينبغيالقيام بتا لمعالجة موضوع السيميولوجيا و السيميوطيقا هو تحديد المفاهيم خاصةالمتعلقة السيميولوجيا و السيميوطيقا و علم اللسان
مفهوم السيميولوجيا : اصطلاحا : يعرج اسم سيميولوجيامصطلح فرنسي sémiologie
هي كلمة اغرقية semions و التي تعني دلالة أو العلاقة أو الرمز أما كلمة لوجي logy فتعني علم
إجرائيا : يقول فرد نود دو سوسير إذ كان بإمكان تحديد اللغة كنظام من الدلائل يعبر عنهاالإنسان من أفكار يمكن مقارنته بأنظمة أخرى هي حركات الصم البكم الطقوس الرمزية صورو آداب و السلوك و الإشارات الحربية و غيرها فانه من الممكن ان نتصور علما يدرسحياة الدلائل كنضام الحياة الاجتماعية و قد يكون هذا العلم قسما من علم النفس العامونقترح تسميته سيميولوجيا لعلم الدلائل ولعله سيمكننا من ان نعرف مما تتكون الدلائلوالقوانين التي تسيرها و هذه النظرات الأولى ستغذي فيما بعد مجمل تأملات حولسيميولوجيا و أنظمة الدلائل . انطلاقا من تأملات فرد نود دو سوسير و بشكل متناقضتبرز سيميولوجيتان مهمتان و متعاكستان بشكل محسوس هم سيميولوجيا تواصل او الاتصال وسيميولوجيا الدلالة و المعنى
مفهوم السيميوطيقا : يعني في اللغة اليونانيةتشخيص diagnostique تشخيص الأمراض و يستعمل هذا المصطلح من قبل الأمريكي شارل سندرسسبيرس في جانفي1969 انبثق من باريس لجنة دولية تدعى الجمعية الدولية للسيميوطيقا وهذه الجمعية لم تستثني استعمال مفهوم السيميولوجيا وأطلق نقاد الأدب في الجزائر علىالسيميوطيقا مفهوم السيمياء أو الدراسات السيميائية و رغم اختلاف المنطلقاتالابتسيمولوجيا فان كلا من المصطلحين أو العلمين تبنت نتائجها النظرية و التطبيقيةعلوم كثيرة مثل الانتربولوجيا و التحليل النفسي و التاريخ و كما له علاقة بالآدابأو الفنون البصرية و غيرها كم أنها شكلت تيار أدبي في الخمسينات من القرن الماضيمساعدا للممارسة الأدبية النقدية إن المواضيع الموجودة خارج مجال السيميولوجيا أوالسيميوطيقا لا يمكن أن تشكل منطلقا لفهم الذات الإنسانية ذلك أننا نتحدث عن سلوكإنساني إلا آذ نظرنا إلى الفعل كما يصدر عن الإنسان يدرك باعتباره حالة إنسانيةمدرجة ضمن سياق ثقافي هو حصيلة لوجود مجتمع
إن كل مظاهر لوجود اليومي للإنسانتشكل موضوعا لسيمياءيات فالضحك و البكاء و الفرح و اللباس و طريقة استقبال الضيوف وإشارات المرور و الطقوس و الأشياء و كذلك النصوص الأدبية كلها علامات تستند إليهابتواصل فكل لغة من هذه اللغات تحتاج إلى الكشف عن قواعد التي تحكم في إنتاج معانيهامستندة في ذلك و في الكثير من الحالات فيما تقترحه العلوم الأخرى من المفاهيم .
علم اللسان : Linguistique
مفهوم اللغة:
اللغة هي ما يعادلفي التعبير الفرنسيlanguage هي القدرة التي يختص بها النوع الإنساني و التي تمكنهمن التواصل بواسطة نسق من العلامات الصوتية وتتحدد انطلاقا من علاقتها بمفهومينلسانين هما اللسان و الكلام فإذا كان اللسان هو الواجهة الاجتماعية للغة فان الكلامهو الواجهة الفردية أي الانجاز الفردي للإنسان
أنواع اللسانيات :
اللسانياتالآنية :synchronique : تهتم بدراسة الكلمات و الجمل من خلال عينة صغيرة في زمنمحدد مثل دراسة الصوتياتphonétique ووظائفها phonologie وعلم التراكيب النحوية syntaxe وعلم المعنى و الدلالة sémantique
اللسانيات العامة diagnostique :
مقدمة:
السيميولوجيا هي علم العلامات أو الإشارات أوالدوال اللغوية أو الرمزية سواء كانت طبيعية أو اصطناعية فتكون إما من وضع الإنساناصطلاحا أو اصطنعها و الاتفاق مع غيره على دلالتها مثل اللغة الاسبانية أو إشاراتالمرور ومنها الطبيعية التي تضعها الطبيعة كأصوات الحيوانات الدالة الصراخ و الألموغيرها
أن اللسانيات كل ماهو لفظي لكن السيميولوجيا تدرس ما هو لغوي لذلك تتعدىالمنطوق إلى ما هو مرئي كإشارات المرور ولغة الصم البكم و الأزياء و طرق الطبخ مماجعل دو سوسير يضع اللسانيات جزء من السيميولوجيا غير أن Roland Barth يرى من خلالكتابته (عناصر السيميولوجيا ) عكس ما قدمه دو سوسير فيجعل من السيميولوجيا هي الجزءو اللسانيات هي الكل باعتبار أن السيميولوجيا في دراستها للأنظمة غير اللغوية تعتمدعلى عناصر لسانيات في دراستها و تفكيكها و تركبيها و أهم العناصر عند Roland Barth الدال و المدلول signifier .signifiants اللغة و الكلام التقرير و الإيحاء والمحورالاستدلالي و المحور التركيبي.
غير أن الانغلوساكسون يعتبرون أن السيميولوجيا هينتاج أمريكي من خلال كتاب "كتابات حول العلامات " لشارل سندرس سبيرس في حين يعتبرالاوروبين نتاجا فرنسي مع فرد نود دو سوسير في كتابه محاضرات في علم اللسانيات 1916وتبنت السيميولوجيا الأمريكية مبادئها من المنطق و الفلسفة و الأشكال الرمزية والرياضيات غير أن السيميولوجيا الفرنسية تؤسس مبادئها على اللغة كما أنها ترتبط بكلما هو نظري وفلسفة الرموز و الإشكال و صياغتها الصرفية العامة.
إن الاتجاهاتالسيميولوجية و مدارسها المتعددة ن ذكر منها
سيميولوجيابيرسمصطلحات غربية مثل علم اللسان لسانيات السنية و علم اللغة حيث نجد علماللغة هو مصطلح مستند لدى المشرقيين اعتماد على التعبير الانجليزي الأمريكي بتوفرمصطلح langages . ويعد مصطلح علم اللسان الأكثر ملائمة والذي يعادل التعبير الفرنسي langue. ويعد اللسان شفرة مشتركة بين أفراد الجماعة اللغوية حيث وضع فرد نود دوسوسير اللسان langue مقابل parole. و هو الأداء الفردي لاستعمال الشخصي لشفرة مشتركة. وبهذا فان اللسان هو منتج اجتماعي و أداة اتصال في حين نجد أن الكلام هو استعمال شخصي و إبداع فردي و بين هذان الجانبين الاجتماعي و الفردي تظهر اللغة وتعتمد البحوث اللغوية مناهج دقيقة تجاوزت البحوث التقليدية في فقه اللغة عند الباحثين العرب الذين يعتمدون علم النحو و الصرف و جمالية الأسلوب و انتقل اهتمام الباحثين في علم اللغة من هذا المجال ويعود الفضل في هذا الانتقال إلى الثورة البنيوية التي أحدثها العالم فرد نود دوسوسير في مطلع القرن العشرين حيث تمكن علم اللسان ابتداء من الخمسينات أن يصبح من علم الاجتماع وعلم التحليل النفسي التاريخ و النقد الأدبي اللسانيات زمنية : diachronique : وتدرس اللسان عبر تطوره بهدف معرفة الجوانب التي تغيرت فيه تدرس أنماط الدلالةاللفظية
المبادئ البنيوية السوسورية
اأ- نبذة عن حياة فردينان دي سوسور:
ولد دي سوسور في جونيف بـسويسرا في 17 نوفمبر 1857م، وقد انحدر من عائلة فرنسية بروتستانية؛ هاجرت عائلته منلوزان خلال الحروب الفرنسية في أواخر القرن 16م إلى سويسرا.
و شاءت الأقدار أنيولد هذا الرجل بعد عام واحد من مولد فرويد و قبل عام واحد من مولد إيميل دوركايم،فكان لهذا الثلاثي شأن كبير في توجيه مسار العلوم الانسانية و إحداث ثورة علىالمفاهيم والمناهج الكلاسيكية آنذاك.
وبعد تلقيه التعليم الأولي في جونيف، انتقلإلى برلين لمزاولة دراسته ومكث هناك خلال الفترة الممتدة ما بين 1876 - 1878 يدرساللسانياتوعلى الرغم من أنه تتلمذ على يد بعض النحاة الجدد، إلا أنه كانيخالفهم في تصورهم العام و يرفض نظرتهم الضيقة للسانيات.
و ما بين 1880 - 1891قام بزيارة باريس للإقامة فيها، وتولى خلال هذه الفترة منصب مدير الدراسات فيالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا. و في نفس الوقت كان يحاضر لمجموع الطلبة فياللسانيات التاريخية و المقاربة.
عام 1891 رحل إلى مسقط رأسه واستقر هناك يدرسفي جامعة جونيف، إلى أن توفي عام 1913م.
وهكذا قضى جلّ حياته في دراسةالللسانيات التاريخية و المقاربة، وقد تعرض في أواخر حياته إلى جملة من الإنتقاداتجعلته ينعزل و يكف عن البحث في مجال السيميولوجيا.
أما عن مؤلفاته، ففي الواحد والعشرين من عمره نشر دو سوسور مؤلفه الأول الذي جلب له شهرة عالمية عنوان الدراسةحول النظام البدائي للصوامت، في اللغات وقد كان هذا المؤلف عنوان أطروحته للدكتوراهالتي ناقشها عندما كان طالبا.
كما دعم دي سوسور أيضا مؤلفه هذا بمجموعة منالمقالات حول اللغة، جمعت كلها بعد وفاته من بينها Receille de publication.
أماكتابه الشهير فقد صدر 3 سنوات بعد وفاته أي عام 1916م بعنوان محاضرات في الألسنيةالعامة وام يكن هذا الكتاب ليرى النور لو لم يقم طلبته بجمع محلضراته التي كانيلقيها في جامعة جونيف من 1906 إلى 1911.
ثم قام هؤلاء الطلبة بتصنيفها وتبويبها و نشرها في الشكا النهائي الذي هي عليه الآن.
ب - أهم المبادئ التيأثرت في فكره:
سبق وأن ذكرنا أن دي سوسور ولد وترعرع في إطار مناخي علمي ثري منجانب عائلته أو من الخارج( المحيط الفكري العام) ومن بين المذاهب التي أثرت علىفكره نذكر:
* الإتجاه الإجتماعي : كانت الأفكار التي جاء بها مؤسّس المدرسةالفرنسية لعلم الإجتماع إيميل دوركايم تتمثل أساسا في أهمية و قد كانت هذه النظريةالإجتماعية تؤكد على أن الأفراد بسبب تعايشهم يكونون الضمير الجمعي أو الشعورالجماعي، وهذه الصفات الجماعية هي سابقة لوجود الفرد وباقية بعده ومستقلة عنه، وفينفس الوقت فهي تمارس ضغطا عليه و هو ما دفع دوركايم للحديث عن فكرة الإنتحار فيكتابه الانتحار.
وقد أثر هذا المذهب على دو سوسور في صياغة خاصية أساسية منخصائص الدليل و هي الطابع الاعتباطي في اللغة.
* الإتجاه الإنضمامي: ويعتبر جونلوك و دافيد هيوم أهم رواد هذا المذهب، إضافة إلى الباحث ألكسندر بان الذي طور هذاالمذهب.
يرى أنصار هذا التيار أنّ الحياة النفسية تحكمها قوانين الإنضمام و أنّالأحاسيس هي بمثابة ذرات تشكل الحياة النفسية. وقد أثرت هذه الفكرة على دي سوسورحيث اعتبر أنّ اللغة هي أيضا كائن متكامل يتكون من مجموعة من الدلائل اللغوية يؤديالتغيير في موقع واحدة منها إلى التغيير في شكل و معنى النسق اللغوي ككل.
*مفهومالكل:و هو أيضا إتجاه إجتماعي ينطلق من معنى أو مفهوم الكل، حيث تفطن كل من أوغستكونت و كارل ماركس و إيميل دوركايم أهمية للكل وهو ذلك الشيء الزائد و المتجاور لكلمن أجزائه، وقد أضاف دي سوسور إلى هذا المفهوم مبدأ أساسي هو أنّ اللغة أيضا نظاماعاما خاضع لمجموعة من القوانين الداخلية، فاللغة حسب دي سوسور هي نظام من الدلائللا تعرف قيمة الدليل إلا من خلال التقابل الإيجابي و السلبي داخل نفس النظام وهذايعني أنّ اللسانيات البنيوية عند دي سوسور هي لسانيات الداخلية و ليست الخارجية،وهي من النقاط التي انتقد فيها دي سوسور.
2) المبادئ البنيويةالسوسورية:
* اللسان نظام دلائل:
إنّ اللسان على حد تعبير دي سوسورنظام من الأدلة المتواضع عليها، فهو كما يقول الحاج صالح: " ليس مجموعة من الألفاظيعثر عليها المتكلم في قواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها في حافظته،كما أنه ليس مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبةالكثيرة الشواذ، بل هو نظام من الوحدات يتداخل بعضها ببعض على شكل عجيب و تتقابلفيها بناها في المستوى الواحد، التقابل الذي لولاه لما كانت هناك أدلة"
الجديدفي نظرة اللسانيات البنيوية الحديثة هي أنها عوض أن تهتم بالجزئيات و الأحداثاللغوية لذاتها منعزلة بعضها عن بعض مثلما كان يفعل اللغويون في العصور الماضية،أصبحت اللسانيات تنظر إلى اللسان ككل وهو يتشكل من بنية، هذه الأخيرة عبارة عن شبكةتجد فيها كل وحدة لغوية مكانها و تربطها بالوحدات الأخرى، علاقات صورية مبنية علىأساس اتحاد الهويات و اختلافها. والوحدات اللغوية على مختلف المستويات اللغوية منأصوات ، كلمات، جمل ومعاني تشكل نظما جزئية.
مثلا: في نظام الأصوات الحلقية، لوأخذنا حرفي (ع)و(ح) لوجدناهما يتحدان في المخرج ( الحلق ) و لكنهما يختلفان في كون (ع) مجهور و (ح) مهموس، وهنا يمكن أن نضع كل صوت حلقي في مكان خاص به وهو بالتالييقابل دائما حرفا آخر مثلا (ح) يقابل (خ)، هذه الوحدات لا تكتسب هويتها داخل النظاماللغوي ( نظام الأصوات الحلقية) إلا عند مقابلتها لغيرها في مستواها ( الحروفالمهموسة) فهي تأخذ قيمتها بهذا التقابل.
القيمة عند دي سوسور هي العلاقاتالداخلية و ليست الخارجية وهنا شبه دي سوسور النظام بلعبة الشطرنج، إذ لا تهمالمادة التي صنعت منها قطع اللعب( العاج، الخشب..) وهنا العلاقة خارجية لأن مادةالصنع لن تغير في قانون اللعب لكن إذا ما زدنا أو أنقصنا قطعة من قطع اللعب هناسيختل النحو الذي وضع عليه اللعب وهنا العلاقة داخلية.
دي سوسور لا يهتم بالنظامالخارجي للمفردة، و إنما قيمة المفردة تكمن في علاقاتها الداخلية.
مثلا في نظاماللغة العربية، لمعرفة قيمة كلمة (فرح) يجب أن نقابلها بمرادفاتها سواء كان التقابلالإيجابي أي مع سرور، بهجة، سعادة...، أو التقابل السلبي أي الأسى، الحزن...
إذاكانت بعض المفاهيم التي وضعت من طرف اللغويين غير دقيقة أو غير واضحة فإنّ دي سوسوريقترح الرجوع إلى نظام القيم الذي يقسمه إلى قسمين:
** نظام التكافؤ بين أشياءتختلف أجناسها.
مثال: يتم التكافؤ في علم الإقتصاد بين العمل و الأجرة
أما فيعلم اللسان فهذا التكافؤ يتم بين الدال و المدلول.
** النظام اللساني الذي لاتجد فيه اللفظة قيمتها إلا بالتقابل مع كل الألفاظ الأخرى في ذلك النظام. مثلمارأينا مع كلمة (فرح).
* نظرية الدليل اللساني ( الدال و المدلول ):
يتألفالدليل اللساني حسب دي سوسور من تعبير صوتي (صرة سمعية)
و مضمون(صورة مفهومية) " صورة مفهومية ذهنية".
يسمى التعبير الصوتي في نظرية دي سوسور الدال و المضمونمدلولا، ويرتبط الدال بالمدلول ارتباطا بنيويا بحيث ما يمثله الأول يحيل و يستدعيفي الوقت ذاته ما يمثله الآخر، وهنا يمكن تشبيه الدليل اللساني بالورقة، وجههاالظاهر هو الصوت (الدال) و وجهها الخفي (المدلول) ومن ثم لا يمكن فصل المفاهيم عنالأصوات التي تنتقل عن طريقها.
* الطابع الإعتباطي:
أ- في علم اللسان: حسب دي سوسور فإن العلاقة بين الدال و المدلول اصطلاحية، إتفاقية، وعرفية بين أعضاءالجماعة اللغوية و الدليل على ذلك هو تعدد الأسماء (الدلالات) بالنسبة لنفسالمسمى.
مثلا نجد أن كلمة (بيض) لها عدة تسميات فنجد (الدّحي) في ليبيا، (العْظاَم) في شرق الجزائر، (تيمَــلاّيين) في منطقة القبائل بالجزائر...
ويترتبعن الطابع الاعتباطي طابع الوجوب الذي يمثل العلاقة الداخلية للدليل، حيث تصبحمفروضة على الجميع و ليس بإمكان أحد التغيير لا في كيفية كتابة الدال و لا في طريقةنطق هذا الدال.
ب- في السيميولوجيا: أي فيما يخص الصور البصرية و الصوتية، فإنعلاقاتها بالواقع ليست كلها اعتباطية على عكس علم اللسان، فهي قد تكون جزئيا أوكليا معللة.
مثلا: لإشارة المرور الدالة على مدرسة( حذار مدرسة ) فهي جزئيامعللة لأننا في الأساس لدينا مدرسة ولهذا وضعنا إشارة لحماية التلاميذ عندالعبور... أي هناك علاقة بين الدال و المدلول.
* التسلسل الخطي:
الدليلاللساني ذو طابع متلاحق، يرسل و يستقبل ليس في آن واحد و إنما يتم ذلك بصفة متعاقبةعلى المحور الزمني. وعليه لا يمكن احلال وحدتين لغويتين في نفس الموقع في مدرجالكلام .
ويمكننا هذا التسلسل من التمييز بين نوعين من الأنظمة:
** الأنظمةالتي تقع دوالها في الزمان: مثل الموسيقى، اللغة المنطوقة...
** الأنظمة التيتقع دوالها في الفضاء: مثل الصور الفوتغرافية...
هناك من يرى أنها تخضع للتسلسلالخطي بحكم اننا ندرك الصرة ككل ثم ننتقل إلى الجزئيات، ونجد من يرى بأنه لا يمكنأن تكون هذه الوحدات خاضعة للتسلسل الخطي لأنها تُدرك دفعة واحدة.
* الطابعالمميز:
معنى التمييز هو أن لكل دليل لغوي أو حرف في اللغة دوره الخاص، فقد تكونالعلاقة بين الحرفين (ض) و (س) علاقة مميزة،لأن استبدال حرف (ض)بـالحرف (س) يؤديإلى اختلاف الهيئة و المعنى.
مثال: ضـــيف/ســيف.
أما في اللغة الفرنسيةفالعلاقة بين الحرفين استبدالية لأن تغيير حرف بآخر لن يكون مميزا لأنه سوف يكوناختلاف لهجي.
مثال: باريس(Paris)/ باريز(Paris).
* التقطيعالمزدوج:
وهي الصفة التي تميز لغة الانسان عن أشكال الاتصال الأخرى، وترتكز حسبمارتيني على تجزأة الملفوظ إلى وحدات دالة أي إلى مونيمات و يمكن أن تشكل هذهالأخيرة منفردة معنى محدد، كأن نجزأ الجملة التالية:
كتب/ عمر/ الدرس ( 3 وحداتدالة)
في حين أن التقطيع الثاني يتم فيه تجزأة كل وحدة دالة إلى وحدات دنيا غيردالة أي إلى الفونيمات.
مثلا: كتب هي كـ/تـ/ب
هذا فيما يخص الأنظمة اللغوية،اما فيما يخص الأنظمة غير اللغوية فهي نسبية في قضية خضوعها للتقطيعالمزدوج.
مثلا: الصيغة الرياضية 2+3=5 عند تقطيعها نحصل على وحداتل غير قابلةاللتقطيع الثاني 2/3/5، فهي إذن غير قابلة للتقطيعالمزدوج.
المراجع:
- فردينان دي سوسور، محاضرات في الألسنية العامة،ترجمة يوسف الغزي. المؤسسة الجزائرية للطباعة،الجزائر.1986.
- كاترين فوك وبيارلي قوفيك، مبادئ في قضايا اللسانيات المعاصرة، ترجمة المنصف عاشور.ديوانالمطبوعات الجامعية، الجزائر.1984.
- عامر الحلواني، في القراءة السيميائية.كليةالآداب و العلوم الانسانية، الطبعة الأولى، تونس.2005
مفهوم السيميولوجيا : اصطلاحا : يعرج اسم سيميولوجيامصطلح فرنسي sémiologie
هي كلمة اغرقية semions و التي تعني دلالة أو العلاقة أو الرمز أما كلمة لوجي logy فتعني علم
إجرائيا : يقول فرد نود دو سوسير إذ كان بإمكان تحديد اللغة كنظام من الدلائل يعبر عنهاالإنسان من أفكار يمكن مقارنته بأنظمة أخرى هي حركات الصم البكم الطقوس الرمزية صورو آداب و السلوك و الإشارات الحربية و غيرها فانه من الممكن ان نتصور علما يدرسحياة الدلائل كنضام الحياة الاجتماعية و قد يكون هذا العلم قسما من علم النفس العامونقترح تسميته سيميولوجيا لعلم الدلائل ولعله سيمكننا من ان نعرف مما تتكون الدلائلوالقوانين التي تسيرها و هذه النظرات الأولى ستغذي فيما بعد مجمل تأملات حولسيميولوجيا و أنظمة الدلائل . انطلاقا من تأملات فرد نود دو سوسير و بشكل متناقضتبرز سيميولوجيتان مهمتان و متعاكستان بشكل محسوس هم سيميولوجيا تواصل او الاتصال وسيميولوجيا الدلالة و المعنى
مفهوم السيميوطيقا : يعني في اللغة اليونانيةتشخيص diagnostique تشخيص الأمراض و يستعمل هذا المصطلح من قبل الأمريكي شارل سندرسسبيرس في جانفي1969 انبثق من باريس لجنة دولية تدعى الجمعية الدولية للسيميوطيقا وهذه الجمعية لم تستثني استعمال مفهوم السيميولوجيا وأطلق نقاد الأدب في الجزائر علىالسيميوطيقا مفهوم السيمياء أو الدراسات السيميائية و رغم اختلاف المنطلقاتالابتسيمولوجيا فان كلا من المصطلحين أو العلمين تبنت نتائجها النظرية و التطبيقيةعلوم كثيرة مثل الانتربولوجيا و التحليل النفسي و التاريخ و كما له علاقة بالآدابأو الفنون البصرية و غيرها كم أنها شكلت تيار أدبي في الخمسينات من القرن الماضيمساعدا للممارسة الأدبية النقدية إن المواضيع الموجودة خارج مجال السيميولوجيا أوالسيميوطيقا لا يمكن أن تشكل منطلقا لفهم الذات الإنسانية ذلك أننا نتحدث عن سلوكإنساني إلا آذ نظرنا إلى الفعل كما يصدر عن الإنسان يدرك باعتباره حالة إنسانيةمدرجة ضمن سياق ثقافي هو حصيلة لوجود مجتمع
إن كل مظاهر لوجود اليومي للإنسانتشكل موضوعا لسيمياءيات فالضحك و البكاء و الفرح و اللباس و طريقة استقبال الضيوف وإشارات المرور و الطقوس و الأشياء و كذلك النصوص الأدبية كلها علامات تستند إليهابتواصل فكل لغة من هذه اللغات تحتاج إلى الكشف عن قواعد التي تحكم في إنتاج معانيهامستندة في ذلك و في الكثير من الحالات فيما تقترحه العلوم الأخرى من المفاهيم .
علم اللسان : Linguistique
مفهوم اللغة:
اللغة هي ما يعادلفي التعبير الفرنسيlanguage هي القدرة التي يختص بها النوع الإنساني و التي تمكنهمن التواصل بواسطة نسق من العلامات الصوتية وتتحدد انطلاقا من علاقتها بمفهومينلسانين هما اللسان و الكلام فإذا كان اللسان هو الواجهة الاجتماعية للغة فان الكلامهو الواجهة الفردية أي الانجاز الفردي للإنسان
أنواع اللسانيات :
اللسانياتالآنية :synchronique : تهتم بدراسة الكلمات و الجمل من خلال عينة صغيرة في زمنمحدد مثل دراسة الصوتياتphonétique ووظائفها phonologie وعلم التراكيب النحوية syntaxe وعلم المعنى و الدلالة sémantique
اللسانيات العامة diagnostique :
مقدمة:
السيميولوجيا هي علم العلامات أو الإشارات أوالدوال اللغوية أو الرمزية سواء كانت طبيعية أو اصطناعية فتكون إما من وضع الإنساناصطلاحا أو اصطنعها و الاتفاق مع غيره على دلالتها مثل اللغة الاسبانية أو إشاراتالمرور ومنها الطبيعية التي تضعها الطبيعة كأصوات الحيوانات الدالة الصراخ و الألموغيرها
أن اللسانيات كل ماهو لفظي لكن السيميولوجيا تدرس ما هو لغوي لذلك تتعدىالمنطوق إلى ما هو مرئي كإشارات المرور ولغة الصم البكم و الأزياء و طرق الطبخ مماجعل دو سوسير يضع اللسانيات جزء من السيميولوجيا غير أن Roland Barth يرى من خلالكتابته (عناصر السيميولوجيا ) عكس ما قدمه دو سوسير فيجعل من السيميولوجيا هي الجزءو اللسانيات هي الكل باعتبار أن السيميولوجيا في دراستها للأنظمة غير اللغوية تعتمدعلى عناصر لسانيات في دراستها و تفكيكها و تركبيها و أهم العناصر عند Roland Barth الدال و المدلول signifier .signifiants اللغة و الكلام التقرير و الإيحاء والمحورالاستدلالي و المحور التركيبي.
غير أن الانغلوساكسون يعتبرون أن السيميولوجيا هينتاج أمريكي من خلال كتاب "كتابات حول العلامات " لشارل سندرس سبيرس في حين يعتبرالاوروبين نتاجا فرنسي مع فرد نود دو سوسير في كتابه محاضرات في علم اللسانيات 1916وتبنت السيميولوجيا الأمريكية مبادئها من المنطق و الفلسفة و الأشكال الرمزية والرياضيات غير أن السيميولوجيا الفرنسية تؤسس مبادئها على اللغة كما أنها ترتبط بكلما هو نظري وفلسفة الرموز و الإشكال و صياغتها الصرفية العامة.
إن الاتجاهاتالسيميولوجية و مدارسها المتعددة ن ذكر منها
سيميولوجيابيرسمصطلحات غربية مثل علم اللسان لسانيات السنية و علم اللغة حيث نجد علماللغة هو مصطلح مستند لدى المشرقيين اعتماد على التعبير الانجليزي الأمريكي بتوفرمصطلح langages . ويعد مصطلح علم اللسان الأكثر ملائمة والذي يعادل التعبير الفرنسي langue. ويعد اللسان شفرة مشتركة بين أفراد الجماعة اللغوية حيث وضع فرد نود دوسوسير اللسان langue مقابل parole. و هو الأداء الفردي لاستعمال الشخصي لشفرة مشتركة. وبهذا فان اللسان هو منتج اجتماعي و أداة اتصال في حين نجد أن الكلام هو استعمال شخصي و إبداع فردي و بين هذان الجانبين الاجتماعي و الفردي تظهر اللغة وتعتمد البحوث اللغوية مناهج دقيقة تجاوزت البحوث التقليدية في فقه اللغة عند الباحثين العرب الذين يعتمدون علم النحو و الصرف و جمالية الأسلوب و انتقل اهتمام الباحثين في علم اللغة من هذا المجال ويعود الفضل في هذا الانتقال إلى الثورة البنيوية التي أحدثها العالم فرد نود دوسوسير في مطلع القرن العشرين حيث تمكن علم اللسان ابتداء من الخمسينات أن يصبح من علم الاجتماع وعلم التحليل النفسي التاريخ و النقد الأدبي اللسانيات زمنية : diachronique : وتدرس اللسان عبر تطوره بهدف معرفة الجوانب التي تغيرت فيه تدرس أنماط الدلالةاللفظية
المبادئ البنيوية السوسورية
اأ- نبذة عن حياة فردينان دي سوسور:
ولد دي سوسور في جونيف بـسويسرا في 17 نوفمبر 1857م، وقد انحدر من عائلة فرنسية بروتستانية؛ هاجرت عائلته منلوزان خلال الحروب الفرنسية في أواخر القرن 16م إلى سويسرا.
و شاءت الأقدار أنيولد هذا الرجل بعد عام واحد من مولد فرويد و قبل عام واحد من مولد إيميل دوركايم،فكان لهذا الثلاثي شأن كبير في توجيه مسار العلوم الانسانية و إحداث ثورة علىالمفاهيم والمناهج الكلاسيكية آنذاك.
وبعد تلقيه التعليم الأولي في جونيف، انتقلإلى برلين لمزاولة دراسته ومكث هناك خلال الفترة الممتدة ما بين 1876 - 1878 يدرساللسانياتوعلى الرغم من أنه تتلمذ على يد بعض النحاة الجدد، إلا أنه كانيخالفهم في تصورهم العام و يرفض نظرتهم الضيقة للسانيات.
و ما بين 1880 - 1891قام بزيارة باريس للإقامة فيها، وتولى خلال هذه الفترة منصب مدير الدراسات فيالمدرسة التطبيقية للدراسات العليا. و في نفس الوقت كان يحاضر لمجموع الطلبة فياللسانيات التاريخية و المقاربة.
عام 1891 رحل إلى مسقط رأسه واستقر هناك يدرسفي جامعة جونيف، إلى أن توفي عام 1913م.
وهكذا قضى جلّ حياته في دراسةالللسانيات التاريخية و المقاربة، وقد تعرض في أواخر حياته إلى جملة من الإنتقاداتجعلته ينعزل و يكف عن البحث في مجال السيميولوجيا.
أما عن مؤلفاته، ففي الواحد والعشرين من عمره نشر دو سوسور مؤلفه الأول الذي جلب له شهرة عالمية عنوان الدراسةحول النظام البدائي للصوامت، في اللغات وقد كان هذا المؤلف عنوان أطروحته للدكتوراهالتي ناقشها عندما كان طالبا.
كما دعم دي سوسور أيضا مؤلفه هذا بمجموعة منالمقالات حول اللغة، جمعت كلها بعد وفاته من بينها Receille de publication.
أماكتابه الشهير فقد صدر 3 سنوات بعد وفاته أي عام 1916م بعنوان محاضرات في الألسنيةالعامة وام يكن هذا الكتاب ليرى النور لو لم يقم طلبته بجمع محلضراته التي كانيلقيها في جامعة جونيف من 1906 إلى 1911.
ثم قام هؤلاء الطلبة بتصنيفها وتبويبها و نشرها في الشكا النهائي الذي هي عليه الآن.
ب - أهم المبادئ التيأثرت في فكره:
سبق وأن ذكرنا أن دي سوسور ولد وترعرع في إطار مناخي علمي ثري منجانب عائلته أو من الخارج( المحيط الفكري العام) ومن بين المذاهب التي أثرت علىفكره نذكر:
* الإتجاه الإجتماعي : كانت الأفكار التي جاء بها مؤسّس المدرسةالفرنسية لعلم الإجتماع إيميل دوركايم تتمثل أساسا في أهمية و قد كانت هذه النظريةالإجتماعية تؤكد على أن الأفراد بسبب تعايشهم يكونون الضمير الجمعي أو الشعورالجماعي، وهذه الصفات الجماعية هي سابقة لوجود الفرد وباقية بعده ومستقلة عنه، وفينفس الوقت فهي تمارس ضغطا عليه و هو ما دفع دوركايم للحديث عن فكرة الإنتحار فيكتابه الانتحار.
وقد أثر هذا المذهب على دو سوسور في صياغة خاصية أساسية منخصائص الدليل و هي الطابع الاعتباطي في اللغة.
* الإتجاه الإنضمامي: ويعتبر جونلوك و دافيد هيوم أهم رواد هذا المذهب، إضافة إلى الباحث ألكسندر بان الذي طور هذاالمذهب.
يرى أنصار هذا التيار أنّ الحياة النفسية تحكمها قوانين الإنضمام و أنّالأحاسيس هي بمثابة ذرات تشكل الحياة النفسية. وقد أثرت هذه الفكرة على دي سوسورحيث اعتبر أنّ اللغة هي أيضا كائن متكامل يتكون من مجموعة من الدلائل اللغوية يؤديالتغيير في موقع واحدة منها إلى التغيير في شكل و معنى النسق اللغوي ككل.
*مفهومالكل:و هو أيضا إتجاه إجتماعي ينطلق من معنى أو مفهوم الكل، حيث تفطن كل من أوغستكونت و كارل ماركس و إيميل دوركايم أهمية للكل وهو ذلك الشيء الزائد و المتجاور لكلمن أجزائه، وقد أضاف دي سوسور إلى هذا المفهوم مبدأ أساسي هو أنّ اللغة أيضا نظاماعاما خاضع لمجموعة من القوانين الداخلية، فاللغة حسب دي سوسور هي نظام من الدلائللا تعرف قيمة الدليل إلا من خلال التقابل الإيجابي و السلبي داخل نفس النظام وهذايعني أنّ اللسانيات البنيوية عند دي سوسور هي لسانيات الداخلية و ليست الخارجية،وهي من النقاط التي انتقد فيها دي سوسور.
2) المبادئ البنيويةالسوسورية:
* اللسان نظام دلائل:
إنّ اللسان على حد تعبير دي سوسورنظام من الأدلة المتواضع عليها، فهو كما يقول الحاج صالح: " ليس مجموعة من الألفاظيعثر عليها المتكلم في قواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها في حافظته،كما أنه ليس مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبةالكثيرة الشواذ، بل هو نظام من الوحدات يتداخل بعضها ببعض على شكل عجيب و تتقابلفيها بناها في المستوى الواحد، التقابل الذي لولاه لما كانت هناك أدلة"
الجديدفي نظرة اللسانيات البنيوية الحديثة هي أنها عوض أن تهتم بالجزئيات و الأحداثاللغوية لذاتها منعزلة بعضها عن بعض مثلما كان يفعل اللغويون في العصور الماضية،أصبحت اللسانيات تنظر إلى اللسان ككل وهو يتشكل من بنية، هذه الأخيرة عبارة عن شبكةتجد فيها كل وحدة لغوية مكانها و تربطها بالوحدات الأخرى، علاقات صورية مبنية علىأساس اتحاد الهويات و اختلافها. والوحدات اللغوية على مختلف المستويات اللغوية منأصوات ، كلمات، جمل ومعاني تشكل نظما جزئية.
مثلا: في نظام الأصوات الحلقية، لوأخذنا حرفي (ع)و(ح) لوجدناهما يتحدان في المخرج ( الحلق ) و لكنهما يختلفان في كون (ع) مجهور و (ح) مهموس، وهنا يمكن أن نضع كل صوت حلقي في مكان خاص به وهو بالتالييقابل دائما حرفا آخر مثلا (ح) يقابل (خ)، هذه الوحدات لا تكتسب هويتها داخل النظاماللغوي ( نظام الأصوات الحلقية) إلا عند مقابلتها لغيرها في مستواها ( الحروفالمهموسة) فهي تأخذ قيمتها بهذا التقابل.
القيمة عند دي سوسور هي العلاقاتالداخلية و ليست الخارجية وهنا شبه دي سوسور النظام بلعبة الشطرنج، إذ لا تهمالمادة التي صنعت منها قطع اللعب( العاج، الخشب..) وهنا العلاقة خارجية لأن مادةالصنع لن تغير في قانون اللعب لكن إذا ما زدنا أو أنقصنا قطعة من قطع اللعب هناسيختل النحو الذي وضع عليه اللعب وهنا العلاقة داخلية.
دي سوسور لا يهتم بالنظامالخارجي للمفردة، و إنما قيمة المفردة تكمن في علاقاتها الداخلية.
مثلا في نظاماللغة العربية، لمعرفة قيمة كلمة (فرح) يجب أن نقابلها بمرادفاتها سواء كان التقابلالإيجابي أي مع سرور، بهجة، سعادة...، أو التقابل السلبي أي الأسى، الحزن...
إذاكانت بعض المفاهيم التي وضعت من طرف اللغويين غير دقيقة أو غير واضحة فإنّ دي سوسوريقترح الرجوع إلى نظام القيم الذي يقسمه إلى قسمين:
** نظام التكافؤ بين أشياءتختلف أجناسها.
مثال: يتم التكافؤ في علم الإقتصاد بين العمل و الأجرة
أما فيعلم اللسان فهذا التكافؤ يتم بين الدال و المدلول.
** النظام اللساني الذي لاتجد فيه اللفظة قيمتها إلا بالتقابل مع كل الألفاظ الأخرى في ذلك النظام. مثلمارأينا مع كلمة (فرح).
* نظرية الدليل اللساني ( الدال و المدلول ):
يتألفالدليل اللساني حسب دي سوسور من تعبير صوتي (صرة سمعية)
و مضمون(صورة مفهومية) " صورة مفهومية ذهنية".
يسمى التعبير الصوتي في نظرية دي سوسور الدال و المضمونمدلولا، ويرتبط الدال بالمدلول ارتباطا بنيويا بحيث ما يمثله الأول يحيل و يستدعيفي الوقت ذاته ما يمثله الآخر، وهنا يمكن تشبيه الدليل اللساني بالورقة، وجههاالظاهر هو الصوت (الدال) و وجهها الخفي (المدلول) ومن ثم لا يمكن فصل المفاهيم عنالأصوات التي تنتقل عن طريقها.
* الطابع الإعتباطي:
أ- في علم اللسان: حسب دي سوسور فإن العلاقة بين الدال و المدلول اصطلاحية، إتفاقية، وعرفية بين أعضاءالجماعة اللغوية و الدليل على ذلك هو تعدد الأسماء (الدلالات) بالنسبة لنفسالمسمى.
مثلا نجد أن كلمة (بيض) لها عدة تسميات فنجد (الدّحي) في ليبيا، (العْظاَم) في شرق الجزائر، (تيمَــلاّيين) في منطقة القبائل بالجزائر...
ويترتبعن الطابع الاعتباطي طابع الوجوب الذي يمثل العلاقة الداخلية للدليل، حيث تصبحمفروضة على الجميع و ليس بإمكان أحد التغيير لا في كيفية كتابة الدال و لا في طريقةنطق هذا الدال.
ب- في السيميولوجيا: أي فيما يخص الصور البصرية و الصوتية، فإنعلاقاتها بالواقع ليست كلها اعتباطية على عكس علم اللسان، فهي قد تكون جزئيا أوكليا معللة.
مثلا: لإشارة المرور الدالة على مدرسة( حذار مدرسة ) فهي جزئيامعللة لأننا في الأساس لدينا مدرسة ولهذا وضعنا إشارة لحماية التلاميذ عندالعبور... أي هناك علاقة بين الدال و المدلول.
* التسلسل الخطي:
الدليلاللساني ذو طابع متلاحق، يرسل و يستقبل ليس في آن واحد و إنما يتم ذلك بصفة متعاقبةعلى المحور الزمني. وعليه لا يمكن احلال وحدتين لغويتين في نفس الموقع في مدرجالكلام .
ويمكننا هذا التسلسل من التمييز بين نوعين من الأنظمة:
** الأنظمةالتي تقع دوالها في الزمان: مثل الموسيقى، اللغة المنطوقة...
** الأنظمة التيتقع دوالها في الفضاء: مثل الصور الفوتغرافية...
هناك من يرى أنها تخضع للتسلسلالخطي بحكم اننا ندرك الصرة ككل ثم ننتقل إلى الجزئيات، ونجد من يرى بأنه لا يمكنأن تكون هذه الوحدات خاضعة للتسلسل الخطي لأنها تُدرك دفعة واحدة.
* الطابعالمميز:
معنى التمييز هو أن لكل دليل لغوي أو حرف في اللغة دوره الخاص، فقد تكونالعلاقة بين الحرفين (ض) و (س) علاقة مميزة،لأن استبدال حرف (ض)بـالحرف (س) يؤديإلى اختلاف الهيئة و المعنى.
مثال: ضـــيف/ســيف.
أما في اللغة الفرنسيةفالعلاقة بين الحرفين استبدالية لأن تغيير حرف بآخر لن يكون مميزا لأنه سوف يكوناختلاف لهجي.
مثال: باريس(Paris)/ باريز(Paris).
* التقطيعالمزدوج:
وهي الصفة التي تميز لغة الانسان عن أشكال الاتصال الأخرى، وترتكز حسبمارتيني على تجزأة الملفوظ إلى وحدات دالة أي إلى مونيمات و يمكن أن تشكل هذهالأخيرة منفردة معنى محدد، كأن نجزأ الجملة التالية:
كتب/ عمر/ الدرس ( 3 وحداتدالة)
في حين أن التقطيع الثاني يتم فيه تجزأة كل وحدة دالة إلى وحدات دنيا غيردالة أي إلى الفونيمات.
مثلا: كتب هي كـ/تـ/ب
هذا فيما يخص الأنظمة اللغوية،اما فيما يخص الأنظمة غير اللغوية فهي نسبية في قضية خضوعها للتقطيعالمزدوج.
مثلا: الصيغة الرياضية 2+3=5 عند تقطيعها نحصل على وحداتل غير قابلةاللتقطيع الثاني 2/3/5، فهي إذن غير قابلة للتقطيعالمزدوج.
المراجع:
- فردينان دي سوسور، محاضرات في الألسنية العامة،ترجمة يوسف الغزي. المؤسسة الجزائرية للطباعة،الجزائر.1986.
- كاترين فوك وبيارلي قوفيك، مبادئ في قضايا اللسانيات المعاصرة، ترجمة المنصف عاشور.ديوانالمطبوعات الجامعية، الجزائر.1984.
- عامر الحلواني، في القراءة السيميائية.كليةالآداب و العلوم الانسانية، الطبعة الأولى، تونس.2005
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى